تقول أمثالنا الشعبية «العين عليها حارس»، ولم تقل العين عليها سارق أو العين عليها دجال أو العين عليها نصاب!! ولكن من المحتمل فى ظل الممارسات الجديدة بالخلايا الجذعية والتى تصل إلى درجة الخطايا والجرائم والتى يمارسها بعض من ينتمون إلى مهنة الطب، وخاصة طب العيون، أن يتغير هذا المثل الشعبى. نحمد الله أن من يمارسون النصب والدجل فى طب العيون تحت لافتة «العلاج بالخلايا الجذعية» يعدّون على أصابع اليد الواحدة، ولكن ما أحدثوه من ارتباك وتعلق بأمل زائف عند قطاع كبير من المرضى صار يستدعى وقفة حاسمة وحساباً عسيراً وعقاباً رادعاً، وها هو النداء قد وصلنى من الجمعية المصرية للشبكية والجسم الزجاجى مطالباً بتلك الوقفة وذلك الحساب، بيان الجمعية المصرية للشبكية يقول: لوحظ فى الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة علاج التهاب الشبكية التلونى وضمور العصب البصرى عن طريق الحقن للخلايا الجذعية داخل العين بصورة تجارية، والجمعية المصرية للشبكية والجسم الزجاجى، من منطلق مسئوليتها ناحية المرضى والأطباء فى مجال تخصصها، توضح الحقائق التالية: أولاً: العلاج بالخلايا الجذعية لعلاج التهاب الشبكية التلونى أو ضمور العصب البصرى هو علاج لم يخرج عن طور التجارب حتى الآن ولا توجد نتائج علمية محددة تثبت فائدة هذا العلاج للمرضى، ولذلك فإنه من هذا المنطلق هناك ضوابط لا بد من مراعاتها قبل تطبيق تلك التجارب العلمية: - أن يكون فى مؤسسة بحثية كالجامعات أو المعاهد العلمية تحت إشراف أساتذة من أصحاب التخصص والخبرة. - أن يتم الحصول على موافقة من لجنة مراجعة آداب الأبحاث العلمية بعد تقديم بروتوكول مفصل بطريقة تحضير الخلايا وحقنها وخلافه. - أن يتم الحصول على موافقة كتابية من المريض بدخول التجربة العلمية وإخطاره بكافة المضاعفات أو المشاكل التى قد يتعرض لها. ثانياً: تهيب الجمعية المصرية للشبكية والجسم الزجاجى بالجهات المسئولة أن تقوم برصد ومراجعة هذه الممارسات غير القانونية واتخاذ كافة ما يلزم من إجراءات للحفاظ على صحة المرضى. انتهى بيان جمعية الشبكية، ولكن المشكلة لم تنته، على وزارة الصحة أن تبدأ المواجهة وعليها محاسبة كل من تسول له نفسه إجراء أى تجارب ما زالت قيد البحث على المرضى، لا بد أن نعرف أن الخلايا الجذعية فتح جديد وثورة شاملة فى عالم الطب ستجعل تاريخ الطب ينقسم إلى مرحلتين هما ما قبل وما بعد الخلايا الجذعية، لكن كل هذا ما زال داخل المعامل وما زال فى طور التجارب وما زال يخضع للمزيد من الدراسات والأبحاث ولا يمكن أن يكون لعبة فى يد هواة يحصدون الملايين من تجارة الأوهام وخداع الغلابة. وفى النهاية أتساءل: كيف لطبيب أن يخون إنسانيته ويخون قسمه ويخون ضميره وينصب على مريض بحقن خلايا جذعية داخل عينه لعلاج مرض هو أول من يعرف أنه لن يعالَج بهذه الطريقة، يعرف جيداً أنه يتاجر بأحلام هذا المريض فى الشفاء، متأكداً تماماً من أن هذا المريض باع كل ما يملك حتى أثاث بيته واستلف كمان من أجل تسديد قيمة عملية نصب وسبوبة جشع وخيانة أمانة، إنها قمة الخسة والانحطاط أن نتاجر بالعمى، ولكنه أعمى بصيرة يعالج أعمى بصر.